قصي صلاح الطالب بمدرسة عمر الأغا الثانوية للبنين في خان يونس ريشة مبدعة تحتاج إلى رعاية واهتمام

بدايةً مَن أنا؟

أنا الطالب قُصي صابر صَلاح، لديَّ سبعة عشرَ عاماً من الأَمَل، أحد طُلاب مدرسة عُمر الأغا الثانويةِ للبنين التابعة لمديرية التربية والتعليم في خان يونس، أدرس في الصّف الحادي عشر علمي، أعيشُ في مدينة حمد بخان يونس، وبالتحديد في شقةٍ سكنيّةٍ متواضعة، مُنذُ نعومةِ أظافري أحببتُ الرّسم واتخذت منهُ رفيقاً يُلازِمُني، ومساحة حرة أعبر فيها عن مكنوناتي ومشاعري المختلفة، وهُنا سأسرُدُ لكم الحِكاية.

لماذا أخترتُ الرَّسم ليكونَ هوايتي؟

ابتدأت قصتي عندما كنتُ طِفلاً، دائماً ما رأيتُ أُمي تحاولُ الخروج من ضغوطاتِ الحياة، بأن ترسُمَ بعض الرسوماتِ البسيطة، وتارةً بعض الخطوط التي لا مَعنى لها، حاولتُ جاهداً بأن أُقلدها، كنتُ أمسك بورقةٍ وقلم، وأبدأ برسم شخصياتِ الكرتون التي أُحِبُها، وفي بعضِ الأوقات أرسِمُ الأشخاص من حولي، كانت مُجرّد رسومات عابرة، لطفلٍ صغير، أحَبَّ الرسم واتَّخذ منهُ رفيقاً يشاركه جل لحظاته.

ثم ماذا؟

كبرتُ، وكبرت معي طموحاتي، بدأتُ أعتني بموهبتي أكثر فأكثر، طوَّرتُ من ذاتي، حاولتُ قَدرَ المُستطاع أن أحصل على دوراتٍ مجانيّة، أستطيع من خلالها إتقان الرسم أكثر؛ بسبب سوء الوضع الاقتصادي لعائلتي، كُنَّا بالكاد ما نجدُ قوتَ يومِنا، ولكن لم أستسلم لذلك، ولم أتوقف عن ممارسة هوايتي التي أعشقها، كنتُ أبحث عن ملجأٍ لي وسطَ هذه المعاناة، فذهبتُ لمؤسسة تامر بعد حرب عام 2012 على قطاعِ غزة، وشاركتُ في بعض نشاطاتها التي نفّذتها من أجل التفريغ عن نفسيةِ الأطفال بعدَ ما عايشناه من ترويع وهلع يصعب وصفه أو تجاوزه، وكنتُ أسارع إلى أوراقي وألواني لأختلي بها وأرسم هروباً من الواقع المرير، مستثمراً كل لحظة قبل عودتي للبيت، حيث هناك لا أوراق ولا ألوان ولا ريشة، ليشتعل شغف اللقاء بهم إلى اليوم التالي، ويتجدد اللقاء وتنطلق الخطوط على اللوحات لتروي ظمئي، فيشرق الأمل بداخلي من جديد.

المسابقات التي شاركتُ فيها وحصدتُ ثِمارها:

منذُ نعومةِ أظافري، أحببتُ دائماً بأن أُشاركَ في المسابقاتِ الفنيّة على مستوى مدرستي بدايةً، فعندما كنتُ طالباً في إحدى مدارس وكالة الغوث، حصدتُ المركز الأول على مستوى المدرسة في مسابقةِ أجمل لوحة للاجئين الفلسطينيين، كذلك حصدتُ المركز الأول في مسابقةٍ أعدتها مؤسسة تامر، وكذلك المركز الأول في مسابقةٍ لليونيسيف وأنا في الصف الثامن، وختاماً على مستوى مديريةِ التربيةِ والتعليم بخان يونس، فقد حصدتُ المركز الثاني في مسابقةٍ أقامها قسم الأنشطة الطلابية بالمديرية، وعندما أصبحتُ طالباً في مدرسة عُمر الأغا الثانوية – للبنين، وجدتُ الاهتمام والرعاية من قِبَل إدارة المدرسة، فقد مدت لي يدَ العون ووفرت لي بعض الأدوات واللوحات.

لي خاتمة:

موهبتي لم تَكُن عائقاً أمام دراستي كما يَظُن البَعض، فأنا وبفضلٍ من الله، ومتابعةٍ واهتمامٍ من عائلتي ومُعلِّميَّ، متفوقٌ في دراستي بل والأوّل على مستوى مرحلتي الدراسية، فالعلم والدراسة لطالما كانا محفّزاً لي، حتّى أُبدع وأرتقي بموهبتي هذهِ.

وكان حقاً عليَّ أن أشكر كل من ساندني ووقِف بجانبي منذُ البداية، أمي الحبيبة التي لم تَبخل يوماً في تقديم كل ما في وسعِها من وقتٍ وتشجيعٍ ورعاية، حتى وصلتُ لما أنا عليهِ الآن، أبي الحبيب الذي لطالما أحبني ومنحني ما بحوزتهِ من نقودٍ لكي أستمر في موهبتي، لطالما حاولتُ أن أرسمَ راحةَ يدهِ التي ذاقت من خيباتِ الحياةِ وقسوتها، ما جعلها تبدو كأشجار الصنوبرِ وفيها من الشقوقِ ما يُخبر عن مرارةُ العيشِ فبدت واضحةً لكل من يتمعّن في تفاصيلها، وشكري لأصدقائي وأبناء منطقتي، الذين طالما شجعوني بكلماتهم، ولا أنسى مدرستي الحبيبة هذهِ التي كانت خيرَ حاضنٍ لي، وخيرَ داعمٍ لموهبتي، كنتُ أشعر بأنني أحد أبنائهِم، ولكل من ساندني ووقف بجانبي، ولو بكلمةِ تشجيعٍ تدفعني لأستمر في طريقي هذا دونَ عودةٍ للورَاء.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى